في إطار مقاربة استشرافية لمجال إقليم خريبكة، وبهدف رسم معالم تنمية مجالية متكاملة في أفق 25 سنة القادمة، تعمل مديرية التعمير بالرباط، على الإشراف على إعداد مخطط توجيه التهيئة العمرانية لخريبكة الكبرى الذي يوجد حاليا في مرحلة المشاورات القانونية، بعدما تمت المصادقة سابقا على مرحلة التحليل الترابي ورهانات التنمية، ومرحلة توجهات واختيارات التهيئة وخريطة المخطط.
ونظرا لما تكتسيه هذه الوثيقة من أهمية كبرى، فقد تبنت مديرية التعمير على المستوي المنهجي مقاربة تشاركية تعمل على إشراك المنظومة المحلية في مختلف مراحل الدراسة، وذلك سعيا نحو بناء هذا المخطط بشكل تصاعدي، والتفاعل مع خصوصيات ومعطيات الواقع، والتكامل مع رؤية الفاعلين المحليين للمجال.
وفي هذا الصدد، وبتاريخ 29 دجنبر 2020، انعقد تحت رئاسة عامل إقليم خريبكة اجتماع خصص لدراسة مشروع مخطط توجيه التهيئة العمرانية لخريبكة الكبرى. وقد عرف هذا الاجتماع حضور الكاتب العام للعمالة ومدير الوكالة الحضرية لبني ملال ورئيس المجلس الإقليمي، وممثلة عن مديرية التعمير بالرباط، بالإضافة لرؤساء وممثلين عن المفتشية الجهوية لإعداد التراب والتعمير، ومصالح الفلاحة والتجهيز والمياه والغابات وأملاك الدولة، إلى جانب ممثل عن المكتب الشريف للفوسفاط باعتباره فاعلا أساسيا في التهيئة المجالية بتراب الإقليم.
وقد أكد السيد العامل خلال هذا الاجتماع على أن هذا الورش يندرج في إطار مقاربة شمولية للنهوض بكامل تراب إقليم خريبكة، ويأتي كذلك في سياق مصادقة مجلس جهة بني ملال خنيفرة مؤخرا على المخطط الجهوي لإعداد التراب، معتبرا أنه من شأن كلا المخططين أن يساهما في إعداد التراب وتنظيم المجال، وتوفير مرجعية قانونية وآليات لتدبير قضايا التهيئة، وضبط تدخل كل الفاعلين في ميدان التعمير والمساهمة في تسهيل الإدارة للاستثمارات.
من جهة أخرى، تم التركيز خلال هذا اللقاء على أن ورش الجهوية واللاتمركز الإداري يضع الإدارة بكل مكوناتها أمام تحدي التنمية الجهوية والمحلية، والقدرة على صياغة واتخاذ القرارات المناسبة التي أصبحت تأخذ بعدا جهويا، مع السعي لتحقيق حكامة جيدة في تدبير الوقت، وتحقيق النجاعة اللازمة في تدبير قضايا المجال وتسهيل الاستثمارات.
كما تم التطرق إلى إشكالية "العقار" باعتباره أحد المفاتيح الأساسية التي ترهن نجاح تنزيل المخططات والتصاميم، وبالتالي وجب التعامل مع هذا المحدد بكل عناية وتعميق البحث بشأنه خلال مراحل هذه الدراسة، حتى يتسنى رسم معالم خريطة عقارية تسهل تنفيذ المشاريع على أرض الواقع، وتساهم في جذب الاستثمارات وتساعد مختلف الفاعلين على اتخاذ القرارات المناسبة.
وقد أكد السيد مدير الوكالة الحضرية لبني ملال خلال هذا اللقاء على أن هذه الدراسة تندرج في خانة مخططات توجيه التهيئة العمرانية من الجيل الجديد التي تتناول تراب كامل الإقليم، كما أشاد كذلك بالدور الكبير الذي تقوم به مديرية التعمير في الإشراف على إعداد هذا المخطط، وما يتطلب ذلك من جهد لإخراج مثل هذه الدراسات الاستشرافية المهمة لحيز الوجود. وأضاف السيد المدير أن إقليم خريبكة يعرف ديناميات ترابية، وأوراش تنموية متعددة يتوجب على كامل المنظومة مواكبتها مع دعوة مكتب الدراسات إلى العمل على إدماج المشاريع المهيكلة الكبرى بالمخطط، مثل القطب الاقتصادي بمنطقة بني يخلف، ومناطق التعمير الجديدة وتهيئة مداخل المدن وتخصصيها لتنطيقات مناسبة.
كما أكد السيد المدير على تعبئة العقار العمومي وتوجيهه لاحتضان برامج تنموية يعود أثرها على كامل الإقليم، خاصة على مستوى المرافق العمومية والمشاريع الاستثمارية الكبرى. كما أضاف أن تأهيل المراكز القروية الصاعدة، وتمكينها من وظائف اقتصادية مناسبة ومن البنيات التحتية والمرافق العمومية الضرورية سيساهم في التوازن المجالي للإقليم.
من جهتها أكدت ممثلة مديرية التعمير بالرباط على أن مخطط توجيه التهيئة العمرانية لخريبكة الكبرى عرف انطلاقته وإنجاز مرحلة التشخيص الترابي مع جهة الدار البيضاء سطات، في حين أن المراحل المتبقية من الدراسة يتم إنجازها والاقليم ينتمي لجهة بني ملال خنيفرة. ومن أجل إنجاح هذه الدراسة قد عملت المديرية في عدة مناسبات على تعميق المشاورات مع المنظومة المحلية قبل عرض المشروع على أنظار اللجنة المركزية للتبع. كما أن المصالح المركزية للوزارة ستعمل على استيعاب كل المقترحات الموضوعية التي تم التعبير عنها محليا، والعمل بشكل تشاوري مع الفرقاء الرئيسيين على صياغة المقتضيات قانونية المتعلقة بالتنطيقات الواردة بالمخطط، حتى يشكل هذا الأخير مرجعية قانونية للعمل وأداة للتنمية المجالية لإقليم خريبكة. كما طالبت المنظومة المحلية بتقديم المساعدة لمكتب الدراسات وتمكينه من المعطيات والملاحظات المتعلقة بهذه الدراسة، خاصة المعطيات المتعلقة بالجوانب العقارية ومختلف البرامج التنموية.
وقد عرف هذا الاجتماع تقديم مكتب الدراسات لعرض مفصل بشأن التوجهات الاستراتيجية التي تخص مشروع مخطط توجيه التهيئة العمرانية لخريبكة الكبرى، وكذا مختلف الدراسات القطاعية التي بنى عليها المشروع، سواء في جوانبها الديموغرافية أو المجالية، بالإضافة إلى إعطاء رؤية عن مشروع خريطة المخطط والتنطيقات المرتبطة بها والضوابط القانونية المنظمة لها.
وقد ركزت مختلف التدخلات على ضرورة تكامل مخطط توجيه التهيئة العمرانية مع توجهات المخطط الجهوي لإعداد التراب، والعمل على تنويع الوظائف الاقتصادية بتراب إقليم خريبكة، ومحو تلك الصورة المعيارية التي تربطه بكونه مجالا منجميا لاستغلال الفوسفاط فقط. بالإضافة إلى إدماج المشاريع التنموية التي يتم إنجازها على أرض الواقع من طرف مختلف القطاعات، خاصة تلك التي تهم مصالح الفلاحة والتجهيز والنقل واللوجيستيك والمياه والغابات والسياحة...
كما تمت الإشارة إلى ضرورة الاستفادة، على مستوى المحاور الطرقية، من التراكم الوظيفي التاريخي لترابطات إقليم خريبكة، والعمل على إعطاء دينامية لمحور خريبكة-الرماني في اتجاه الرباط، ولمحور خريبكة الفقيه بن صالح، وأنه لا يجب المغامرة ببرمجة محاور طرقية جديدة إلا بعد دراستها بشكل جيد.
أما على مستوى المجالات الحضرية، فقد تمت الدعوة إلى التفكير في مواضيع التجديد الحضري، من خلال إعادة توظيف الفضاءات التي تقع بمواقع استراتيجية وسط المدن واستغلالها في أنشطة مناسبة تواكب التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها إقليم خريبكة.
وفي نهاية هذا اللقاء دعا السيد العامل مكتب الدراسات إلى ضرورة التفكير في المقتضيات القانونية المرتبطة بالتنطيقات الواردة بالمخطط حتى تشكل مفاتيح بيد مختلف المتدخلين لتسهيل عملية تدبير ملفات التعمير والاستثمار، مع دعوة المصالح الإدارية بتزويد مكتب الدراسات بالمعطيات الضرورية، ومختلف المشاريع والبرامج التي توجد قيد الإنجاز أو المبرمجة حتى يتسنى أخذها بعين الاعتبار في إعداد مخطط توجيه التهيئة العمرانية.